أعلى برج المراقبة على الحدود بين رفح المصرية والفلسطينية صعد أحمد شعبان ليقوم بخدمة عادية، اعتاد عليها منذ تجنيده العام الماضى فى سلاح حرس الحدود، جلس أحمد على الجانب المصرى، بينما فى الجانب الفلسطينى كانت حركة حماس تعقد مؤتمرا جماهيريا للتنديد بمصر بسبب ما قيل إنه رفض لإدخال قافلة شريان الحياة إلى غزة.
وبعد كلمات حماسية مليئة بالتحريض انصرف قادة حماس بينما هاج الحضور واندفعوا نحو الحدود يقذفون الجنود المصريين بالحجارة.. ظن أحمد أنها مجرد حالة توتر عابرة وسرعان ما تمضى، لكن قناصا فلسطينيا كان يتربص من بعيد، فأطلق رصاصة أصابت أحمد فى رأسه، ليلفظ ابن إهناسيا فى محافظة بنى سويف بصعيد مصر أنفاسه الأخيرة، وتخرج روحه على مرأى من تراب فلسطين.. وهو لم يكمل بعد عامه الثانى والعشرين.
انطفأت حياة أحمد شعبان، ونحتسبه عند الله شهيدا بإذن الله فقد كان يؤدى الواجب ويرابط دفاعا عن وطنه، لكن الغريب هو ما قرأته من بعض القراء تعليقا على هذا الخبر على موقع اليوم السابع، فالبعض لا يراه شهيدا وآخرون حملوا الحكومة مسئولية موته، وذهب البعض إلى أن الحكومة عليها إخراج دية القتل الخطأ لأنها من تسبب فى استشهاد أحمد شعبان!
مثل هذا الكلام يذكرنى بمقولة معاوية بن أبى سفيان عندما قتل عمار بن ياسر، فقد قال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم "تقتله الفئة الباغية" فلما قتل عمار بن ياسر صار جدل بين الملسمين فخرج معاوية بهذا القول قاصدا على بن أبى طالب رضى الله عنه.. لكن هذه المقولة صارت خالدة فى الوجدان العربى، لأنها تحولت إلى دليل على قدرتنا بالتلاعب بالكلمات، وتحريف الحقائق.
من قتل أحمد شعبان معروف.. ليس من أخرجه، وإنما مسلح قناص من الجانب الفلسطينى ينتمى على الأغلب لحركة حماس التى تسيطر على القطاع، وليس الحكومة المصرية التى وزعته لقضاء خدمته العسكرية فى سلاح حرس الحدود على الحدود المصرية مع غزة.. لكن استشهاد أحمد شعبان لا ينبغى أن يجعلنا نتحامل على الفلسطينيين كافة، وإنما عن المسئول الحقيقى عن استشهاد هذا الشاب فى مقتبل عمره.
وعلينا أيضا أن نتعامل مع الأشياء بمسمياتها ولا نسمح بتحويل بلدنا ومواطنينا إلى ملطشة لكل من هب ودب، فليس مقبولا أو معقولا أن يأخذ أعضاء قافلة شريان الحياة موظفى ميناء العريش رهائن ويحطمون بواباته ومكاتبه ويشتبكون مع الجنود المصريين، لأن مصر رفضت إدخال سيارات دفع رباعى ليست لها علاقة بحصار الشعب الفلسطينى فى غزة، وإنما ليستقلها قادة حركة حماس!
آن الأوان لتحافظ مصر على حدودها وتحمى أمنها وأبنائها.. وأن تفرض القانون على الجميع مواطنين وزائرين.. مهما كانت دوافعهم إنسانية أو تحمل أهدافا أخرى خفية!
مقال بقلم محمد حمدى
جريدة اليوم السابع
الله يرحمة ويحسن الية