الفيلم الذى لم يخرجه شاهين .. "نهاية نظام" الشرير !!
*
*
*
"اللحظة التي ارى فيها مصر وقد ورثت لجمال مبارك هى المحنة الكبرى..سأشعر وقتها أن عمري الذي بذلته لإقناع الجماهير بقيمة الحرية قد
ذهب هباء وأنني كنت بالفعل أحرث في البحر"
هذه كلمات يوسف شاهين بمناسبة التعديلات الدستورية التى اجراها النظام لتكريس القبضة الاستبدادية للحكم المباركى وراى فيها شاهين " جدل عقيم لن يفيد الشعب في شيئ "و أن الهدف منها هو إعداد الساحة لنجل الرئيس جمال مبارك كي يخلف والده"
وقال شاهين ساخرا "ربما نراه في نهاية العام وصوره تملأ الشوارع وتعلق على جدران الهيئات الحكومية خلفا لوالده"
وناشد شاهين وقتها مختلف القوى الوطنية المخلصة أن تتخلى عن حساباتها الصغيرة وتنزل إلى الشارع بقوة لعل الشعب الذي وصفه بالمغمي عليه أن يفيق من سباته التاريخي
هكذا عبر المخرج العالمي يوسف شاهين عن آرائه في العديد من المناسبات الوطنية والقومية ، لم يكتفى بدوره خلف الكاميرا صانعا لافلام تثير الكثير من الجدل ،بل ان المتأمل لرحلته الفنية وخطواته الأولى تدهشه النهايات.. فقد تحول الفتى الخجول عاشق السينما والبلاتوه الى مفكر ومنظر ، بل ثائر و محرض جماهيرى له في كل حادث حديث، ويبرر شاهين ذلك بانه بدأ العمل في السينما وكل همه أن يقدم سينما مختلفة لكنه اكتشف أن الفنان لابد أن يكون له موقف وكلمة وهو ما حاول أن يفعله في سنوات النضج فارتفع صوته خارج البلاتو وهو يعلن مواقفه في لقطات سريعة وكأنها ومضات تجعل المشهد في الشارع السياسي أكثر إثارة.
فهمه لعالم السياسة بشكل أعمق لم يتحقق إلا بعد ارتباطه بمجموعة من المفكرين والكتاب في مقدمتهم عبدالرحمن الشرقاوي وحسن فؤاد ولطفي الخولي وصلاح جاهين وتزامن ذلك مع تجربته الرائعة في فيلم ''الأرض'' ومنذ ذلك التاريخ وأفلامه تحمل وجهة نظر وموقفا سياسيا. ويقول هو عن ذلك : كنت ''حمارا'' قبل عام 67 ،لكن الصدمة جعلتني أفهم السياسة بشكل صحيح.
وخارج الكادر السينمائي يطل شاهين السياسي الثائر ،خاض العديد من المعارك السياسية.. صنفوه فى البداية على أنه أحد رموز اليسار المصري، ورغم انسحابه من حزب التجمع التقدمي وتأكيده أنه لم يعد من قوى اليسار الا انه ظل دائما معارضا للسلطة والنظام وخاض الكثير من المعارك من خندق المعارضة المصرية .وان لم ينسى انتماءاته العروبية التى تجسدت
عقب العدوان الإسرائيلي على جنوب لبنان -في صيف 2006 - كان شاهين هناك؛ متعاطفا مع جذوره اللبنانية ومتسقا مع توجهاته القومية،و اعلن وهو المسيحي الكاثوليكي، أن السيد حسن نصرالله "شرف الإسلام" وان المقاومة التي يخوضها هي آخر ما تبقي من الكرامة العربية. وأصدر بيانا تحت عنوان ''الفوضى في بيتنا'' كتبه بالعامية المصرية هاجم فيه الولايات المتحدة الأميركية. مؤكدا إن الهجوم الذي استهدف البنية التحتية في لبنان ليس إلا رد فعل على الهزيمة الشنيعة للصهاينة والأميركان في العراق. واضاف أنه يكره بوش لانه غبي ، ويكره الإسلام بشكل فظيع.
تجاوزت مواقفه السياسية التصريحات والشجب عندما قرر الذهاب إلى حدود مصر مع فلسطين المحتلة ليشارك في عشرات المسيرات والمظاهرات ويتلقف الحجارة ليرجم جنود الاحتلال في أيام الانتفاضة الاولى.
شاهين الذى انحاز فى كل الاوقات الى البسطاء رفض عمل فيلم سينمائي عن صدام حسين، ، قائلا : لا أحب الشخصيات الشريرة-في زيارته للعراق عام 1998- بل رفض مقابلة صدام رغم أن الوفد المرافق له حاول إقناعه بذلك وقال: همي الأول الناس وليس شيئاً آخر
ورغم هذا الموقف المبدئى من نظام صدام لم يتردد شاهين الذي تعلم في أميركا وعشق أفلامها في أن يعلن غضبه وكراهيته لنظام بوش بعد احتلاله العراق في تصريحاته التي ظل يرددها ويصف فيها مشاعره قائلا: لا ألوم الشعب الأميركي لكني ألوم الإدارة الأميركية التي تتصرف بغباء شديد تجاه العرب. وقد سبق أن سجل هذه الرؤيا في آخر فيلم من سلسلة أفلام سيرته الذاتية ''اسكندرية نيويورك''.
حينما احترق مسرح الثقافة الجماهيرية - فى بنى سويف- بنخبة من نقاد وفـــــناني مصر استشاط "جو " غضبا قائلا ان هذا الحادث كان كفيلا باقالة وزارة بأكملها ولكن لان الانسان ليس له ثمن- في عين النظام المصرى- لذا لم يحرك احد ساكنا،مشيرا الي ان اقالة المسؤول عن الثقافة الجماهيرية ليست كافية وتوقع عشرات الحوادث المماثلة طالما ظلت مصر تحكم بنفس الاسلوب الذي دأب الحزب الوطني علي نهجه منذ ربع قرن. ولم ينسى المتمرد العجوز ان يتوعد الفاسدين من الحكام بانه طالما كانت حالته الصحية مستقرة فسوف يخرج للتظاهر ضد نظام حكم تحلل في موقعه وحول البلاد الي مجرد (جراج) كبير، حيث بـات كل كائن حي في مصر جامدا
هكذا كان شاهين مهموما بقضايا وطنه متمردا على كل انظمة الفساد و الديكتاتورية فنراه من اوائل الموقعين على البيان التاسيسى للحركة المصرية من اجل التغيير " كفاية " بما تمثلة من السقف الاعلى فى المعارضة المدنية المصرية بل كان مشاركا دائما فى تظاهرات الحركة للمطالبةبالتغيير حتى انه كاد ان يختنق من الغاز المسيل للدموع ذات مرة امام نقابة الصحفيين ولكن هذا لم يمنعه من ان يشارك ايضا فى تاسيس "كتاب وادباء وفنانون من اجل التغيير " ليثبت انه دائما موجود ،مشارك فى صنع الحدث ، مناصرا لما يؤمن به من قيم العدالة والحرية فنرى الوجه المتسامح لشاهين عندما نشرت بعض الصحف الدنماركية صورا مسيئة للإسلام ، فخرج ليؤكد إيمانه بتسامح الاديان ويصف تلك الاحداث المتكررة بأنها بذاءة وقلة أدب وتطاول على شخصية النبي ولا علاقة لها بحرية التعبير.
لقطة أخرى لشاهين عندما ترك مكتبه فجأة ليزور قضاة مصر -المعتصمين- في ناديهم ويؤيد مطالبهم واعتراضاتهم في مواجهة مشروع قانون السلطة القضائية
ووصف محاولة إزاحة القضاة عن الإشراف على الإنتخابات الرئاسية والبرلمانية بأنها خطوة المقصود منها إطلاق يد المزورين كي يمضوا قدما في اختطاف مصر سنوات أخرى خلال المستقبل.
ووجه كلامه للقضاة قائلا: أرجوكم لاتقبلوا أن تكونو شهود زور فأنتم الأمل الباقي والشريان الذي مازال ينبض في هذه الأمة فقفوا صفا واحدا ولاتقبلوا إلابالإشراف الكامل وفق كافة الضمانات التي تتيح لكم ممارسة عملكم في حرية مطلقة.
واعتبر الصدام الدائر بين النظام ونادي القضاة سببه الرئيسي هو رفض أعضاء النادي تزوير الإنتخابات البرلمانيه – 2005- والتنديد بالقلة التي شاركت في التزوير.ودعا شاهين كافة قوى المعارضة إلى الإلتفاف حول القضاة في صراعهم من أجل المعركة الشرسة التي يواجهونها
فى تلك الأجواء المنذرة بالعنف والفوضى- المصحوبة بإرهاب الدولة ضد معارضيها- تبدو النهايات وشيكة، كان المخرج الكبير يوسف شاهين موجودا، بصحبة تلميذه المخرج خالد يوسف فى اجتماع تضامنى بنادى القضاة و بحضور قضاة كبار وصحفيين وشخصيات عامة – وكنت حاضرا-
وسأله احد الحضور ما إذا كان مخرجنا الكبير مستعدا لاخراج فيلم عن نهاية نظام، أم أن أحد تلاميذه سوف يقوم بالمهمة؟.
وكانت إجابته سريعة وحاسمة: بل أنا الذى سوف يخرج فيلم "نهاية النظام" !!
*
*
*
"اللحظة التي ارى فيها مصر وقد ورثت لجمال مبارك هى المحنة الكبرى..سأشعر وقتها أن عمري الذي بذلته لإقناع الجماهير بقيمة الحرية قد
ذهب هباء وأنني كنت بالفعل أحرث في البحر"
هذه كلمات يوسف شاهين بمناسبة التعديلات الدستورية التى اجراها النظام لتكريس القبضة الاستبدادية للحكم المباركى وراى فيها شاهين " جدل عقيم لن يفيد الشعب في شيئ "و أن الهدف منها هو إعداد الساحة لنجل الرئيس جمال مبارك كي يخلف والده"
وقال شاهين ساخرا "ربما نراه في نهاية العام وصوره تملأ الشوارع وتعلق على جدران الهيئات الحكومية خلفا لوالده"
وناشد شاهين وقتها مختلف القوى الوطنية المخلصة أن تتخلى عن حساباتها الصغيرة وتنزل إلى الشارع بقوة لعل الشعب الذي وصفه بالمغمي عليه أن يفيق من سباته التاريخي
هكذا عبر المخرج العالمي يوسف شاهين عن آرائه في العديد من المناسبات الوطنية والقومية ، لم يكتفى بدوره خلف الكاميرا صانعا لافلام تثير الكثير من الجدل ،بل ان المتأمل لرحلته الفنية وخطواته الأولى تدهشه النهايات.. فقد تحول الفتى الخجول عاشق السينما والبلاتوه الى مفكر ومنظر ، بل ثائر و محرض جماهيرى له في كل حادث حديث، ويبرر شاهين ذلك بانه بدأ العمل في السينما وكل همه أن يقدم سينما مختلفة لكنه اكتشف أن الفنان لابد أن يكون له موقف وكلمة وهو ما حاول أن يفعله في سنوات النضج فارتفع صوته خارج البلاتو وهو يعلن مواقفه في لقطات سريعة وكأنها ومضات تجعل المشهد في الشارع السياسي أكثر إثارة.
فهمه لعالم السياسة بشكل أعمق لم يتحقق إلا بعد ارتباطه بمجموعة من المفكرين والكتاب في مقدمتهم عبدالرحمن الشرقاوي وحسن فؤاد ولطفي الخولي وصلاح جاهين وتزامن ذلك مع تجربته الرائعة في فيلم ''الأرض'' ومنذ ذلك التاريخ وأفلامه تحمل وجهة نظر وموقفا سياسيا. ويقول هو عن ذلك : كنت ''حمارا'' قبل عام 67 ،لكن الصدمة جعلتني أفهم السياسة بشكل صحيح.
وخارج الكادر السينمائي يطل شاهين السياسي الثائر ،خاض العديد من المعارك السياسية.. صنفوه فى البداية على أنه أحد رموز اليسار المصري، ورغم انسحابه من حزب التجمع التقدمي وتأكيده أنه لم يعد من قوى اليسار الا انه ظل دائما معارضا للسلطة والنظام وخاض الكثير من المعارك من خندق المعارضة المصرية .وان لم ينسى انتماءاته العروبية التى تجسدت
عقب العدوان الإسرائيلي على جنوب لبنان -في صيف 2006 - كان شاهين هناك؛ متعاطفا مع جذوره اللبنانية ومتسقا مع توجهاته القومية،و اعلن وهو المسيحي الكاثوليكي، أن السيد حسن نصرالله "شرف الإسلام" وان المقاومة التي يخوضها هي آخر ما تبقي من الكرامة العربية. وأصدر بيانا تحت عنوان ''الفوضى في بيتنا'' كتبه بالعامية المصرية هاجم فيه الولايات المتحدة الأميركية. مؤكدا إن الهجوم الذي استهدف البنية التحتية في لبنان ليس إلا رد فعل على الهزيمة الشنيعة للصهاينة والأميركان في العراق. واضاف أنه يكره بوش لانه غبي ، ويكره الإسلام بشكل فظيع.
تجاوزت مواقفه السياسية التصريحات والشجب عندما قرر الذهاب إلى حدود مصر مع فلسطين المحتلة ليشارك في عشرات المسيرات والمظاهرات ويتلقف الحجارة ليرجم جنود الاحتلال في أيام الانتفاضة الاولى.
شاهين الذى انحاز فى كل الاوقات الى البسطاء رفض عمل فيلم سينمائي عن صدام حسين، ، قائلا : لا أحب الشخصيات الشريرة-في زيارته للعراق عام 1998- بل رفض مقابلة صدام رغم أن الوفد المرافق له حاول إقناعه بذلك وقال: همي الأول الناس وليس شيئاً آخر
ورغم هذا الموقف المبدئى من نظام صدام لم يتردد شاهين الذي تعلم في أميركا وعشق أفلامها في أن يعلن غضبه وكراهيته لنظام بوش بعد احتلاله العراق في تصريحاته التي ظل يرددها ويصف فيها مشاعره قائلا: لا ألوم الشعب الأميركي لكني ألوم الإدارة الأميركية التي تتصرف بغباء شديد تجاه العرب. وقد سبق أن سجل هذه الرؤيا في آخر فيلم من سلسلة أفلام سيرته الذاتية ''اسكندرية نيويورك''.
حينما احترق مسرح الثقافة الجماهيرية - فى بنى سويف- بنخبة من نقاد وفـــــناني مصر استشاط "جو " غضبا قائلا ان هذا الحادث كان كفيلا باقالة وزارة بأكملها ولكن لان الانسان ليس له ثمن- في عين النظام المصرى- لذا لم يحرك احد ساكنا،مشيرا الي ان اقالة المسؤول عن الثقافة الجماهيرية ليست كافية وتوقع عشرات الحوادث المماثلة طالما ظلت مصر تحكم بنفس الاسلوب الذي دأب الحزب الوطني علي نهجه منذ ربع قرن. ولم ينسى المتمرد العجوز ان يتوعد الفاسدين من الحكام بانه طالما كانت حالته الصحية مستقرة فسوف يخرج للتظاهر ضد نظام حكم تحلل في موقعه وحول البلاد الي مجرد (جراج) كبير، حيث بـات كل كائن حي في مصر جامدا
هكذا كان شاهين مهموما بقضايا وطنه متمردا على كل انظمة الفساد و الديكتاتورية فنراه من اوائل الموقعين على البيان التاسيسى للحركة المصرية من اجل التغيير " كفاية " بما تمثلة من السقف الاعلى فى المعارضة المدنية المصرية بل كان مشاركا دائما فى تظاهرات الحركة للمطالبةبالتغيير حتى انه كاد ان يختنق من الغاز المسيل للدموع ذات مرة امام نقابة الصحفيين ولكن هذا لم يمنعه من ان يشارك ايضا فى تاسيس "كتاب وادباء وفنانون من اجل التغيير " ليثبت انه دائما موجود ،مشارك فى صنع الحدث ، مناصرا لما يؤمن به من قيم العدالة والحرية فنرى الوجه المتسامح لشاهين عندما نشرت بعض الصحف الدنماركية صورا مسيئة للإسلام ، فخرج ليؤكد إيمانه بتسامح الاديان ويصف تلك الاحداث المتكررة بأنها بذاءة وقلة أدب وتطاول على شخصية النبي ولا علاقة لها بحرية التعبير.
لقطة أخرى لشاهين عندما ترك مكتبه فجأة ليزور قضاة مصر -المعتصمين- في ناديهم ويؤيد مطالبهم واعتراضاتهم في مواجهة مشروع قانون السلطة القضائية
ووصف محاولة إزاحة القضاة عن الإشراف على الإنتخابات الرئاسية والبرلمانية بأنها خطوة المقصود منها إطلاق يد المزورين كي يمضوا قدما في اختطاف مصر سنوات أخرى خلال المستقبل.
ووجه كلامه للقضاة قائلا: أرجوكم لاتقبلوا أن تكونو شهود زور فأنتم الأمل الباقي والشريان الذي مازال ينبض في هذه الأمة فقفوا صفا واحدا ولاتقبلوا إلابالإشراف الكامل وفق كافة الضمانات التي تتيح لكم ممارسة عملكم في حرية مطلقة.
واعتبر الصدام الدائر بين النظام ونادي القضاة سببه الرئيسي هو رفض أعضاء النادي تزوير الإنتخابات البرلمانيه – 2005- والتنديد بالقلة التي شاركت في التزوير.ودعا شاهين كافة قوى المعارضة إلى الإلتفاف حول القضاة في صراعهم من أجل المعركة الشرسة التي يواجهونها
فى تلك الأجواء المنذرة بالعنف والفوضى- المصحوبة بإرهاب الدولة ضد معارضيها- تبدو النهايات وشيكة، كان المخرج الكبير يوسف شاهين موجودا، بصحبة تلميذه المخرج خالد يوسف فى اجتماع تضامنى بنادى القضاة و بحضور قضاة كبار وصحفيين وشخصيات عامة – وكنت حاضرا-
وسأله احد الحضور ما إذا كان مخرجنا الكبير مستعدا لاخراج فيلم عن نهاية نظام، أم أن أحد تلاميذه سوف يقوم بالمهمة؟.
وكانت إجابته سريعة وحاسمة: بل أنا الذى سوف يخرج فيلم "نهاية النظام" !!