بدأ علماء أوروبيون اليوم الأربعاء أول تشغيل لأكبر نظام لتسريع الجزيئات في العالم قرب جنيف بهدف كشف أسرار الكون العظيم.
وشرعت منظمة الأبحاث النووية الأوروبية
المعروفة بسيرن أولى تجاربها لتشغيل المعجل التصادمي الذي يعد أضخم آلة
للأبحاث في العالم، ويهدف من ورائه العلماء إلى محاكاة الانفجار العظيم
الذين يعتقدون أنه أسفر عن تشكيل الكون بصورته الحالية.
وتجرى التجربة على الحدود السويسرية
الفرنسية حيث تم الإعداد لها على مدى سنوات، حيث سيتم إطلاق مئات الملايين
من بروتونات الذرة وجزيئاتها في نفق بطول 27 كلم تحت الأرض بسرعة لم يسبق
لها مثيل في تاريخ العلم.
وينتج عن هذا كله ستمائة مليون تصادم
بين الجزيئات في الثانية الواحدة, ويؤدي كل واحد منها إلى انشطار آلاف
الأجزاء من الجزيئات والتي يتم تسجيلها ورصدها تمهيدا للتعرف عليها.
وتبلغ تكلفة المعجل التصادمي ثلاثة مليارات يورو, وسيبدأ تشغيله رسميا يوم 21 أكتوبر/ تشرين الأول المقبل.
إثراء الفهم
ويقول المدير الفرنسي للمنظمة الأوروبية
للأبحاث النووية روبير إيمار "إن المعجل التصادمي صُمم ليغير بصورة مثيرة
رؤيتنا للكون" مضيفا أنه مهما كانت الاكتشافات التي سيتمخض عنها "فسوف
يثري بدرجة هائلة فهم الإنسان لأصول عالمنا".
ويشرف مركز كيرن الأوروبي لأبحاث
الجزيئات على المشروع الفريد. وحسب المركز فإن هذا المعجل التصادمي يعتبر
أضخم آلة شيدها الإنسان على الإطلاق.
وتبلغ درجة الحرارة داخل المعجل سالب 271.4 درجة مئوية أي أقل بقليل من درجة حرارة الكون الخارجي والتي تبلغ سالب 270.4 درجة مئوية.
وستصبح درجة الحرارة عند انفجار الذرات
داخل المعجل أكبر مائة ألف مرة منها في مركز الشمس. كما سيجبر مجال
مغناطيسي أقوى مائة ألف مرة من المجال المغناطيسي للأرض، الجزيئات على
الانتظام في مدارها.
كما تحتاج التجربة 120 ميغاوات من التيار
الكهربائي، وهي نفس الكمية التي تحتاجها مدينة مثل جنيف التي يقارب عدد
سكانها 160 ألف نسمة.
ومن المنتظر أن يتم التصادم بين بروتونات
الذرة بسرعة الضوء تقريبا، وأن تقطع 54211 دورة في الثانية بهذه الماسورة
العملاقة تحت الأرض، وستقطع مسافة 299780 كم في الثانية.
ومن المتوقع أن تجيب هذه الآلة عن
تساؤلات العلماء المشاركين بالمشروع والذين يقدر عددهم بعدة آلاف، وأن
تساعدهم على الحصول على معلومات أساسية عن المادة السديمية وعن اللغز الذي
طالما حيرهم بشأن كيفية تحول المادة إلى كتلة وكيفية تطور الكون.
ويقول علماء الكون إن الانفجار الكبير
حدث قبل نحو 15 مليار سنة حين انفجر جسم ساخن كثيف بدرجة لا يمكن تخيلها
في حجم عملة صغيرة وسط ما كان حينئذ مادة جوفاء طاردة سرعان ما تمددت، مما
أدى إلى تشكل النجوم والكواكب وفي نهاية الأمر ظهور الحياة على الأرض