قد أختلف معك في الرأي ..
ولكني أدفع
عمري لتقول رأيك
فولتير [ مفكر فرنسي ]
مقدمة ...
الخلاف في الرأي، سمة العقول الناضجة، ودليل لثراء وخصوبة وفهم القضاياي المطروحة للتناول.
نحسن الإستفادة منه واستثماره حينما ننظر إليه علي أنه حوار بناء بين وجهات نظر مختلفة ومتباينة، وعندما نتعامل معه علي أن منطلقه هو مرجعية لتقديرات مختلفه تثريها خبرات واسعة وتراكمات ثقافية وواقعية.
وبغير هذا الخلاف في الرأي نقع في أزمة الجمود ونضاد طبيعة الفطرة، ونقضي علي ثقافة اختلاف وجهات النظر وتباينها ومن ثم ينقصها الثراء والتعدد.
كما أنه ضرورة، وواقع لاختلاف الناس، وتباين مشاربهم واهتماماتهم وثقافتهم وبيئاتهم، فكل منهم نسيج وحده.
ومن ثم كان ينبغي أن نركز نظرتنا إلي توظيفه في العمل المطروح، والاستفادة من نتائجه، دون أن نعطل فوائده، ونبقي محبوسين في قانون المنطق التشائمي: صواب او خطأ.
لا سيما وأن أمام أعيننا نفوس صفت، وعقول تفتحت فأنتجت خلافا نزيها، ارتفعت فيه علي حظوظ النفس، وانقباض الفكر.
وكان سر نجاحها أنها أدركت سر الإختلاف في الرأي واقعيته واختلاف رؤيتنا للأشياء من حولنا.
وهذا يجعلنا دائما بحاجة إلي أن ننظر للأمور من وجهة نظر الآخرين أيضا، وليس من وجهة نظرنا نحن فقط.
كما علينا ألا نحاول ان نكون حريصين علي أن نغير وجهات نظر الآخرين لكي تتفق مع احتياجاتنا ومصالحنا.
فإذا ما تقبلت عقولنا فكرة الاختلاف، وأهميته.. فهل نحن موضوعيون في خلافنا؟
هل نزن آراء الآخرين وزنا منطقيا ونتعامل معه بحيادية مطلقة، أم أننا ننحاز لأفكار وآراء دون الأخري؟
هل ننظر إلي القضايا المطروحه من وجهة نظر الطرف الآخر ونحاول أن نتقمص دوره وشخصيته لكي نتعرف علي حقيقة موقفه؟
ثم إذا ما انتقلنا إلي دائرة الحوار مع الآخرين..
هل نجمد عند طريقة واحد للتفكير؟! أم أننا نتمتع بمرونة المعالجات العقلية الفعالة التي يطلبها طبيعة الموقف أو الحوار أو المشكلة..
وعندما نختلف في وجهات النظر.. هل نضبط مؤشر نياتنا ضبطا صحيحا، ونتأمل أنفسنا ونحن نختلف مع الآخرين..؟!
هل حقا كنا نختلف من أجل القضية المطروحة، أم أن هناك أشياء أخري أخذت بنا بعيدا عن صفاء الإختلاف؟
غير أن الأمر ليس في حاجة إلي صدق القلب وتجريده من الهوى في الخلافات فحسب، وإنما يستلزم منا أن نستكمل هذا الفقه ببعض المهارات التي تتعلق بكيفية التعامل مع الأشخاص المثيرين للخلاف وأن نتعرف علي الخلاف الفعال، ولماذا يبرز داخل إجتماعاتنا ولقاءاتنا وكيفية إدارة النقاش داخل المجموعه بفاعلية؟
وعندما يستحكم الخلاف، فنحن بحاجة إلي ان نتعرف: كيفية نترفق بالمخالف ونحسن التعامل معه؟
وكيف نختلف بشرف؟
كيف نستفيد من نسبة الاتفاق والتي قد تصل إلي 90% وهو القدر الذي علينا استغلاله كأساس للتعاون والمشاركة ولا نجعل من نسبة الـ 10% التي تمثل الخلاف هي الأساس لتفككنا وعدم ترابطنا؟
* * *