راجت ظاهرة الاعتذار عالميا في العقدين الاخيرين ودخلت مجال التقاليد الرسمية الدولية، وتحمست لها بعض الاطراف التي تريد ان تنظف ما علق في ماضيها من طحالب. الاعتذار يعني ان الخطأ الذي ارتكب لن يتكرر وان المنتسبين له يشعرون بالندم على متتالياته التي طالت الاخرين بصورة او بأخرى. من هنا يمكن ملاحظة الاعتذار الذي وقعه اخيرا 300 من رجال الدين المسيحي في الغرب على ما ارتكبه اسلافهم من فظائع بحق الشعوب المسلمة في الحروب الصليبية، وما يرتكب في الحاضر من تجاوزات بحجة محاربة الارهاب. وتأتي أهمية الرد الذي تجاوب في الاساس مع دعوة رجال دين مسلمين «على كلمة سواء»، انه قد يهدئ من الصراع الذي تنفخ في ناره جهات متعصبة من الطرفين، بعد ان بات العالم يتفرج على حروب سخيفة بين الاسلام والمسيحية.
الاعتذار بادرة طيبة دوما، ولكن لا يجب التوقف عند حدوده اللفظية ونشوة انتزاع الاعتراف من الطرف الاخر، فهذا الامر يحتاج الى ملحقات سلوكية اخرى تعززه، اعني استمرارية الحوار بين اطرافه
بكل المقاييس، يعد الاعتذار سلوكا حضاريا سواء بدر من الافراد او من الجماعات مع التنويه بأن الامر لا يتعلق بأخلاقيات عالية وصحوة ضمير ذاتية، انها ظاهرة مرتبطة ايضا بمطالبات من الضحية لتصحيح الغبن الذي وقع عليها بسبب اخطاء الماضي.
وكانت ملكة بريطانيا اليزابيث الثانية اعتذرت قبل سنوات للسكان الاصليين في نيوزيلندا عن تجريدهم في القرن التاسع عشر من ملكية اراضيهم على يد القوات البريطانية المستعمرة، كذلك اعتذرت عن المجزرة التي ارتكبتها قوات بلادها في الهند عام 1919 ما عرف في حينه بـ»مجزرة ارميستار». لكن توني بلير نفسه لم يعتذر، قبل ان يغادر الحكم رسميا كرئيس للورزاء، لملايين الافارقة الذي استعبدوا في العالم بفضل القوات البحرية البريطانية التي نقلتهم الى العالم الجديد في الاميركتين من خلال تجارة بشرية حقيرة، رغم ان هذا العام في بريطانيا هو عام الاحتفال بمرور مائتي سنة على قانون الغاء العبودية.
حالة عدم الرضا هذه تبين الى الى اي مدى يشكل الاعتذار حجرا فاصلا بين الماضي والحاضر، بين جرم الفعل الاول وتجاوز معاناته، بين موروث الحقد والغضب ونسيان كل ذلك نحو بداية طازجة. ان تكريس الاعتذار كسلوك يومي يجعل الفرد متقبلا لفكرة اعتراف الجماعة بارتكابها اخطاء بحق جماعات اخرى. وعلى الاعلام والادب مسؤولية الشراكة في الترويج لتلك الفكرة، بدل ان تسهم في الترويج للقيم السلبية بركوبها موجة العنجهية القومية والتعصب المذهبي الطائفي التي تحد من مبادرات الاعتذار والاعتراف باي تجاوزات لحقوق الانسان بشتى تجلياتها
لنتصور ان لدينا خطا هاتفيا عربيا مماثلا الا نحلم ان نسمع اعتذارات العشرات: كل من حرض على الافكار المتطرفة من قادة سياسيين ومثقفين ثم جلس مسترخيا بانتقاله الى صفوف السلطة او المحايدين لها. هؤلاء مطالبون بالاعتذار لاجيال خدعت وقدم بعضها حياته ومستقبله على مذبح افكارها. كل من حرك الحروب والنزاعات لتحقيق شهوة الانتصار الزائف، او المجير للمصلحة الشخصية. والان، كل الاحزاب والانظمة والافراد يمكنهم ان «يبقوا البحصة» ويعتذروا لنا لا ليغسلوا ضمائرهم كما يتم غسيل الاموال المشكوك بها، بل ليسهموا في تضميد جراح الماضي وتفعيل الحراك في المجتمع حتى لا يقف طويلا عند الماضي واخطائه.
ديه كانت مقاله للكاتبه غاليه قبانى
دلوقتى انا عايزه اعرف ارئكم عن الاعتذار
وهل الاعتذار يعتبر ضعف للشخصيه ؟
وياترى ايه هيه نظره المجتمع لهذا الشخص؟
وياترى الانسان اللى مش بعتذر دا
دا غرور ولا عزه نفس؟